الرئيسية » » تسويق الجدل !!

تسويق الجدل !!

رأيي الصواب يحتملُ الخطأ ..ورأي غيري الخطأ يحتملُ الصواب [ الإمام الشافعي ]

* * *

كثيراً ما نقنع أنفسنا بأفكارنا بصنع مجموعة من الحجج المساندة التي تنهض في وجه أي نقاش كمتراس غير قابل للانكسار أو الرضوخ أو التغيير!!

كلام الإمام الشافعي هنا . . يعطي الانطباع الكامن وراءه .. بالتأكيد كان هناك نقاش ساخن حول مسألة فقهية ما .. لكن الإمام فتح جميع أبواب النقاش بهذه الكلمة المناسبة .. ( هو رأي صواب .. ومع ذلك فهو يحتمل الخطأ ) .. وبغض النظر عن حالة النقاش الصحية في ذلك الوقت.

مسافةٌ شاسعة أراها الآن بين الحوار كمبدأ خلاق وصحي . . وبين نقاش مغلق على نفسه لا تتناوله الحجج المضادة .. ولا تطرق بابه الموضوعية !!

* * *

[ هناك فكرة مطروحة للتداول ..إذاً هناك نقاش ] قاعدة منطقية يركن إليها البعض لتبرير أفكار الغير المغايرة .. في سعة صدر مبالغ فيها .. وبتبحر شاسع ومستميت

هذا الكلام ليس درساً في التحليل النفسي أو كلام يراد به تفسير مسألة يراها اغلب الناس مسألة منطقية بعيدةً عن أي شوائب

إننا ببساطة نرفع الحوار كمبدأ صحي ليتناول الغير أفكارنا .. لكن هذا المبدأ يظل مبدأً أجوف لا يمسنا بقليل أو كثير

لأنك وبكامل تعاميك ستكون مستعداً للدفاع عن أفكارك حتى الرمق الأخير .. ضارباً بكل الحجج المنطقية عرض الحائط .. متشبثاً بكل أساليب التهكم والجدل .. وبكافة أنواعه المشروعة وغير المشروعة .. بل وتتهم الأخريين بعدم الفهم .. وقصور الرؤيا .. وسذاجة التناول .. وتقفل سماء الحوار عن أي رأي مضاد

إنها أزمة في التفكير .. عندما نجد هذا الفضاء الشاسع من الأفكار مطروحاً جانباً .. ونواصل التعامي عن جوانب كثيرة في هذا النقاش ] حتى ولو كان قاصراً عن مفاهيم الحوار الجيد [ من هنا فالنقاش حياةٌ أخرى للفكرة .. حتى ولو فقد أدنى المقومات الصحية .

النقاش مساحة واسعة ، لذلك فهو لا يحتمل الأفاق الضيقة .. والكلام الجامد المقولب ، غايته ومقصده المرونة كمادة أساسية في وجوده .. فإن اقفل باب المرونة فإن النقاش يدخل نفق التعامي المقيت .

لذلك فنحن لا نستغرب هذا الاختلاف الكبير الذي تقودنا إليه أفكارنا على غير هدى .. لتقحمنا في جدل واسع حول مضامينها وأساسياتها

الفكرة حالة إنسانية منفصلة عن صاحبها [ لا يهمني الشخص بقدر ما تهمني أفكاره ..الفكرة شخص مغاير رغم إنها في بعض الأحيان تمثل صاحبها أحسن تمثيل ]

هذا الجدل الذي يشكلُ جزء واسع من سلوكنا . . وهذه الاستماتة التي تعطي نقاشاتنا صفة المغلقة ، تم تسويقه من خلال عدة قنوات مختلفة . . ربما تكون المشادة الفضائية إن صحت التسمية إحدى هذه الجزئيات المهمة التي تصوغها عدة قنوات فضائية لغرض شد المشاهد من هذه الناحية التي تُكونُ جُزءً هاماً من تركيبته .

فالنقاش الفضائي إن صحت التسمية .. يبنى على إمتاع المشاهد .. من هنا كان على موضوعية التناول أن تذهب بعيداً .. ويحلُ محلها صراخ وهرج والكثير من التباين الذي تفرضه العلاقات المشحونة ..لذلك تم تقسيم المشاهدين إلى معسكرين غير ظاهرين بين أقطاب النقاش الدائر والمنقول على الهواء ، وحتى إن خرج هذا المشاهد من دائرة التحيز لأحد القطبين فإن متابعة هذا العراك الفكري يستهويه إلى أبعد حد .

سخونة النقاش لا يعني بأي حال من الأحوال جديته .. ومن هنا فقط تم تمطيط هذه الكلمة لتدخل حيز المهاترة والتهكم الذي لا يحملها إلا الكثير من التخبط ، فأصبح المتلقي العادي يغض النظر عن نتيجة هذه النقاشات [ وإن أمتعته متابعتها ] .. مُطلقاً عليها [ نقاش مثقفين ] في إشارة واضحة إلى عدم جدوى هذا النقاش من أساسه ، لأننا لو أمعنا النظر في حصيلة هذا النقاش فإن المحصلة ستكون صفراً !!

لذلك تمت تربية مصادرة الرأي المغاير في حواراتنا الفكرية .. التي تقوم في أغلبها على ركائز الفهم القاصر والعلاقات الشخصية المتشنجة .

نقاشٌ مُسوقٌ بطريقةٍ جديدة .. يضخم الدوافع والنوازع الشخصية .. ولا يرمم شُروخ الفكرة .. لذلك فهو لا يقود إلى أي نتيجة .. وينتهي غالباً عند طريق مسدود !!

عليك إذاً أن ترى أفكارك الصغيرة بدون أجنحة .. لا تستنشقُ هواء النقاش النقي .. أو تجد أحضان الموضوعية مفتوحة . .ولا تحلق بعيداً !!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الوقت كالسيف

Blogger widget

التقويم

Blogger widget

إشترك ليصلك الجديد

ضع إيميلك ليصلك كل جديد

تابعنى على هذه الصفحات

 FacebookYoutube 

صفحتى على الفيس بوك

 
تعريب وتطوير : صالح سعد يونس | تباريح العشق والوجع -\- مركز تعريب وتطوير المدونات copyright © 2013. تفاصيل - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website Published by Mas Template
Proudly powered by Blogger